المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المقارنة بين الإنفاق في سبيل الله والإنفاق رياء


N-Kyo
02-23-2012, 09:01 PM
http://img4.imageshack.us/img4/2852/slame.png
مرحبا بكم في منتداكم نجاح نت

المقارنة بين الإنفاق في سبيل الله والإنفاق رياء

الإنفاق في سبيل الله أمر عظيم وخاصة صرف الأموال في قتال أعداء الإسلام وترك ذلك هلاك ودمار وبخل يؤدي بصاحبه إلى الهلاك والشح وكذلك إنفاق المال رياء وسمعة ومجاملة دون الاحتساب في الأجر من عند الله جل وعلا أيضاً خسران وهلاك قال تعالى :( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (البقرة:19) قال ابن عباس في هذه الآية : ليس ذلك في القتال إنما هو في النفقة أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله ولا تلق بيدك إلى التهلكة ، قال الحسن البصري التهلكة يعني البخل .
ومضمون هذه الآية هو : الأمر بالإنفاق في سبيل الله في سائر وجوه القربات ووجوه الطاعات وخاصة كما ذكرنا صرف الأموال في قتال الأعداء وبذلها فيما يقوى به على عدوهم والإخبار عن ترك فعل ذلك بأنه هلاك ودمار لمن لزمه واعتاده ، ثم عطف بالأمر بالإحسان وهو أعلى مقامات الطاعة فقال تعالى : ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) ، والله سبحانه وتعـالى يضـاعف الأجر والحسنات لمن ينفق في سبيله ابتغاء مرضاته، وضرب على ذلك مثلاً فقال : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (البقرة:261)فهذا مثلاً ضربه الله تعـالى لمضاعفة الثواب لمن أنفق في سبيله وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال ابن عباس : الجهاد والحج يضاعف الدرهم فيهما إلى سبعمائة ضعف وهذا المثل في الحبة والسنابل أبلغ في النفوس من ذكر عدد السبعمائة فإن هذا فيه إشارة إلى أن الأعمال الصالحة ينميها الله عز وجل لأصحابها كما ينمي الزرع لمن بذره في الأرض الطيبة ، وقد ورد في السنة ما يدل على تضعيف الحسنة إلى سبعمائة ضعف .
ويقول المولى عز وجل : ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (البقرة:262) فالله سبحانه وتعالى يمدح الذين ينفقون في سبيله ثم لا يتبعون ما أنفقوا من الخيرات والصدقات منّاً على من أعطوه فلا يمنون به على أحد لا بقول ولا بفعل وكذلك لا يتبعوه بأذى فهم لا يفعلون مع من أحسنوا إليه مكروهاً يحبطون به ما سلف من الإحسان ولهـذا وعـدهم الله لجزاء الجزيل على ذلك فهم لهم أجر عند ربهم مقابل فعلهم لا ينتظرون الثواب من غيره سـبحانه وتعالى فهم بفضـل الله لا يخافون يوم القيامة من الأهوال ولا يحزنون عند موتهم على ما خلفوه من الأولاد ولا على ما فاتهم من زهرة الحياة الدنيا ، ففي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله e : (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المنان بما أعطى ، والمسبل إزاره ، والمنفق سلعته بالحلف الكـاذب )) ولهذا يقول المولى تبارك وتعالى : ( قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ) (البقرة:263)فإن الإنفاق في سبيل الله والصدقة في سبيله أجرها عظيم عند الله ولكن إذا اتبعها أذى فلا خير فيها ولا أجر عليها فإن القول المعروف من كلمة طيبة ودعاء لمسلم وعفو وغفر عن ظلم قولي أو فعلي خير عند الله من هذه الصدقة التي يتبعها أذى ومنٌ لأن الله سبحانه وتعالى غني عن خلقه حليم غفور يصفح ويتجاوز عن عباده الصالحين .
ثم بين الله جل وعلا أن الصدقة تبطل بما يتبعها من ألمن والأذى كما تبطل صدقة من رائى بها الناس فقـال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) (البقرة من الآية : 264 ) فنهى الله المؤمنين أن يتبعوا صدقاتهم بالمن أو الأذى لأن ذلك يبطلها ، كما أن الذي ينفق رئاء الناس تبطل صدقته لأنه يرائي الناس بذلك فيظهر لهم أنه يريد وجه الله وإنما قصده من وراء ذلك هو مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس أو يقال أنه كريم ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه ولهذا قال تعالى:(ولا يؤمن بالله واليوم الآخر ) .

أما الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله متبعين بذلك وجه الله ورضاه عنهم وهم متحققين متثبتين أن الله سيجزيهم على ذلك أوفر الجزاء فقد ضرب الله بهم مثلاً فقال تعالى : ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (البقرة:265) فالمؤمنون الذين هذه صفاتهم في الإنفاق كمثل بستان في مكان مرتفع من الأرض وهذا عند جمهور العلماء وزاد ابن عباس والضحاك : وتجري فيه الأنهار ، فأصاب هذا البستان مطر شديد وهو الوابل فإن هذه الجنة ـ أي البستان ـ تؤتي ثمرتها ضعفين بالنسبة إلى غيرها من الجنان ،فإن لم يصبـها وابل فطل وهو الرذاذ اللين من المطر،كما قال ذلك الضحاك ، فهذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل أبداً .
وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبداً بل يتقبله الله ويكثره وينميه كل عامل بحسبه، ولهذا قال : ( والله بما تعملون بصير ) فهو لا يخفى عليه من أعمال عباده شيء سبحانه .
وإظهار الصدقات للناس دون المراءاة فيها خير ولكن الإسرار في إخراجها أفضل من إظهارها وأبعد عن الرياء قـال تعـالى: ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) (البقرة:271)فإخفاء الصدقة خير وأفضل كما ذكرنا إلا أن يترتب على إظهارها مصلحة راجحة من إقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية ، فقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله e : (( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : وذكر منهم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه )) .
روى ابن جرير عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال : جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضـل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفاً والله سبحانه وتعالى يقـول : ( ويكفر عنكم سيئاتكم ) بدل الصدقات ولا سيما إذا كانت سراً فإنه يحصل لصاحبها الخير في رفع الدرجات وتكفير السيئات فهو سبحانه لا يخفى عليه من ذلك شيء وسيجزيكم عليه .
وفي آية أخرى من كتاب الله تبارك وتعالى يخبرنا عن المرائين في الإنفاق فيقول تعالى : ( وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً ) (النساء:38) فذكر الله جل وعلا الباذلين المرائين الذين يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يمدحوا بالكرم ولا يريدون بذلك وجه الله ، وفي الحديث (( الثلاثة الذين هم أول من تسجر بهم النار ومنهم المنفق المرائي حيث يقول يوم القيامة : ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك فيقول الله تعالى كذبت إنما أردت أن يقال جواد فقد قيل )) وفي الحديث أن رسول الله e قال لعدي بن حاتم الطائي : (( إن أباك أراد أمراً فبلغه )) وحديث آخر أن رسول الله e سئل عن عبد الله بن جدعان هل ينفعه إنفاقه وإعتاقه ؟ فقال : (( لا إنه لم يقل يوماً من الدهر : رب أغفر لي خطيئتي يوم الدين )) ولهذا قال تعالى : ( ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) أي ما حملهم على صنيعهم هذا القبيح وعدولهم عن فعل الطاعة على وجهها هو الشيطان فإنه سول لهم وأملى لهم وقارنهم فحسّن لهم القبائح ، ولهذا يقول تعالى : ( ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً ) .
يقول الشاعر : عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي .
والله سبحانه وتعالى يقول : ( وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً ) (النساء:39)فالرزق من عند الله تعالى وأي شيء يضرهم لو آمنوا بالله وسلكوا الطريق الحميدة وعدلوا عن الرياء إلى الإخلاص والإيمان بالله رجاء ما وعد به الله جل وعلا في الدار الآخرة لمن يحسن عمله وأنفقوا في الوجوه التي يحبها الله ويرضاها ، فهو سبحانه وتعالى عليم بنياتهم الصالحة والفاسدة وسيجزي كل بعمله .
ولقد ذم الله قسم من الأعراب ووصفهم بأنهم أشد كفراً ونفاقاً وأمتدح آخرون بأنهم ينفقوا تقرباً إليه تعالى فقال جل وعلا : ( وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( التوبة :99) فهذا القسم الممدوح من الأعراب وهم الذين يتخذون ما ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ، يقول الله : ( ألا إنها قربة لهم ) أي أن ذلك حاصل لهم ، فإن الله سبحانه وتعالى سيدخلهم في رحمته يوم القيامة .
والكفار ينفقون أموالهم ولكن ليحاربوا بها الله ورسوله ويريدون إطفاء نور الله فماذا يكون لهم ؟ يقول المـولى عـز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) (الأنفال :36) قيل نزلت هذه الآية في أبي سفيان ونفقته الأموال في يوم أحد لقتال الرسول e وقيل نزلت في أهل بدر، وعلى كل تقدير فهي عامة وإن كان سبب نزولها خاصاً فقد أخبر تعالى أن الكفار ينفقون أموالهم ليصدوا عن إتباع طريق الحق فسيفعلون ذلك ثم تذهب أموالهم ثم تكون عليهم حسرة وندامة، حيث لم يجدوا شيئاً لأنهم أرادوا إطفاء نور الله وظهور كلمتهم على كلمة الحق والله متم نوره ولو كره الكافرون وناصر دينه ، وهذا الخزي لهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ـ والعياذ بالله ، وبهذا يتبين لنا أن الإنفاق في سبيل الله أمره عظيم وأجره كبير عند الله جل وعلا، وأن الإنفاق رئاء الناس وانتظار المدح والثناء من المخلوقين أمر قبيح ومذموم وجزاءه وخيم .
فنسأل المولى جل وعلا أن يرزقنا مالاً وأن يسلطنا على نفقته في سبيله وأن يجعل كل ما نبذله من صدقات ونفقات خالصة لوجهه الكريم .


عن كتاب (المقارنة والبيان في بعض آيات القرآن) للشيخ (علي بن محمد الهزازي)

بودى احمد
11-24-2014, 03:30 AM
ننتظر المزيد