المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دليلُ تقسيمِ التوحيدِ إلى ثلاثةِ أقسام


أحمد محمود
01-04-2009, 02:26 PM
دليلُ تقسيمِ التوحيدِ إلى ثلاثةِ أقسام

السؤالتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: هل هناك دليلٌ على ذالك ؟
الجوابالحمد لله
فهذا التقسيم مأخوذٌ مِن الاستقراء والتأمل؛ لأن العلماء لما استقرؤوا ما جاءت به النصوص مِن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ ظهر لهم هذا، وزاد بعضُهم نوعا رابعا: هو توحيد المتابعة، وهذا كلُّه بالاستقراء.

فلا شكَّ أن مَن تدبر القرآن الكريم؛ وجد فيه آيات تأمر بإخلاص العبادة لله وحده، وهذا: هو توحيد الألوهية، ووجد آيات تدل على أن الله هو الخلاق وأنه الرزاق وأنه مدبر الأمور، وهذا: هو توحيد الربوبية الذي أقرَّ به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام، كما يجد آيات أخرى تدل على أن له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأنه لا شبيهَ له ولا كُفوَ له، وهذا: هو توحيد الأسماء والصفات الذي أنكره المبتدعة مِن الجهمية والمعتزلة والمشبهة، ومَن سَلك سبيلهم. ويجد آيات تدل على وجوبِ اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ورفض ما خالف شرعَه، وهذا: هو توحيد المتابعة.

فهذا التقسيم قد عُلم بالاستقراء وتتبُّع الآيات ودراسة السنة، ومِن ذلك قول الله سبحانه : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 4]، وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:21]، وقوله جل وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]، وقوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 56 - 57]، وقوله سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]، وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، وقال عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص]، وقال جل شأنه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، وقال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54]. والآيات الدالة على ما ذكر مِن التقسيم كثيرة .

ومِن الأحاديث: قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث معاذ - رضي الله عنه - المتفق على صحته: (خ/ 2856، م/ 30): " حَقُّ اللهِ على العبادِ: أن يَعبدوه ولا يُشركوا به شيئا "، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " مَن مات وهو يدعو مِن دون الله نِدًّا؛ دخل النار " [رواه البخاري: ( 4497)، ومسلم: (92)]، وقوله لجبريل - عليه السلام - لمَّا سأله عن الإسلام قال: " أن تعبدَ اللهَ ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة
المكتوبة، وتؤدي الزكاةَ المفروضة .. " الحديث [متفق عليه: (خ/ 50، م/ 9)]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن عصاني؛ فقد عصا الله " [متفق على صحته (خ/ 2957 ، م/ 1835 )]، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أبى "، قيل: يا رسول الله! ومَن يأبى؟ قال: " مَن أطاعني؛ دخل الجنة، ومَن عصاني؛ فقد أبى " [رواه البخاري في صحيحه (7280)]. والأحاديث في هذا الباب كثيرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " الإلهُ: هو المعبود المُطاع؛ فإنَّ الإلهَ هو المألوه، والمألوه: هو الذي يستحق أن يُعبد، وكونه يستحق أنْ يُعبد هو بما اتَّصف به مِن الصفات التي تستلزم أن يكونَ هو المحبوب غايةَ الحب، المَخضوع له غايةَ الخضوع ".

وقال: " فإن الإله: هو المحبوبُ المعبود الذي تألَهُهُ القلوبُ بحبِّها، وتخضع له، وتذل له، وتخافه، وترجوه، وتُنيب إليه في شدائدِها، وتدعوه في مهماتِها، وتتوكل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه، وتطمئن بذِكره، وتسكُنُ إلى حُبِّه، وليس ذلك إلا لله وحده. ولهذا كانت (لا إله إلا الله) أصدق الكلام، وكان أهلها أهل الله وحِزبه، والمُنكرون لها أعداءه وأهلَ غضبه ونِقمتِه. فإذا صحت؛ صَحَّ بها كلُّ مسألة وحالٍ وذوق، وإذا لم يُصحِّحْها العبدُ؛ فالفسادُ لازم له في علومِه وأعمالِه ".

نسأل اللهَ أن يوفِّقَ المسلمين جميعًا - مِن حكَّام ومحكومين - لِلفقهِ في دينه، والثباتِ عليه، والنصح للهِ ولعباده، والحذر مما يخالِف ذلك؛ إنه وليُّ ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.



[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز - رحمه الله - ( 6/ 215 )].

المفتي : الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله

N-Kyo
01-04-2009, 04:58 PM
شكرا لك على المواضيع المفيدة والرائعة

antigone
01-04-2009, 10:03 PM
جزاك الله خيرا على الموضوع القيم
و في انتظار جديدك