المقارنة بين المسلمين وأهل الكتاب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
مرحبا بكم في منتداكم نجاح نت
المقارنة بين المسلمين وأهل الكتاب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل عظيم من أصول الإسلام بل قد أعده بعضهم الركن السادس من أركان الإسلام فلا شك أن صلاح العباد والأمة في معاشها ومعادها متوقف على طاعة الله تبارك وتعالى وطاعة رسوله وأن تمام الطاعة متوقف على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس قـال تعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران 110 ) فالله سبحانه وتعالى وصف هذه الأمة وهي أمة محمد e بأنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس لماذا ؟ لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، قال الإمام أحمد: قام رجل إلى النبي e وهو على المنبر فقال: يا رسول الله أي الناس خير ؟ قال: (( خير الناس أقرأهم واتقاهم لله وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم )) وفي مسند الإمام أحمد من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه قال، قال رسول الله e : (( أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل )) وهو حديث مشهور ، والأحاديث عن هذه الآية كثيرة.
والمهم من اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا المدح ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ( 78 )كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79 ) ( المائدة ) فسبب عصيانهم لله وعدم تناهيهم عن المنكر من ارتكاب المآثم والمحارم ذمهم الله على ذلك ولعنهم على لسان نبيه داود عليه السلام وعلى لسان نبيه عيسى ابن مريم فبئس العمل هذا الذي يفعلونه وهو عدم نهي أحد منهم أحداً عن ارتكاب المنكر .
ولهذا أمر الله تعالى أن تكون من هذه الأمة وهي أمة محمد e فرقة متصدية لهذا الشأن وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال، قال رسول الله e : (( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )) فقـال سبحانه وتعـالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعـُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (آل عمران :104)فإنه من يقوم بهذا الأمر راجياً بذلك وجه الله طالباً لرضاه فأولئك هم الفائزون برضوان الله في الدنيا وفي الآخرة .
وبيّن الله سبحانه وتعالى لنا أن أهل الكتاب ليسوا كلهم على حد سواء بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ومنهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ومنهم من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف فقال جل وعلا : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُـونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُـمْ يَسْجُـدُونَ ( 113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ 114) (آل عمران ) والمشهور عند كثير من المفسرين أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب مثل ـ عبد الله بن سلام، وأسد بن عبيد، وثعلبة بن شعبة وغيرهم فإنه لا يستوي من ذمهم الله من أهل الكتاب وهؤلاء الذين أسلموا بل إن منهم أمة قائمة بأمر الله مطيعة لشرعه متبعة لنبيه فهم يقيمون الليل ويكثرون التهجد ويسارعون في الخيرات ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهؤلاء ومن على طريقتهم هم الصالحون الفائزون .
وفي آية أخـرى يبيّن المولى جل وعلا في كتابه أنه كان من الأمم الماضية فئات قليلة تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر فقال تعالى : ( فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ ) (هود :116) فيقول سبحانه فهلا وجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير ينهون عن ما كان بينهم من الشرور والمنكرات والفساد في الأرض قـال سبحانه (ِ إِلاّ قَلِيلاً) (هود:116) أي نعم قد وجد منهم من هذا الحزب قليل لم يكونوا كثيراً وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه وفجأة نقمته ولهذا أمر الله تعالى هذه الأمة الشريفة وهي أمة محمد e بأن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر كما قال تعالى في الآية السابقة (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) (آل عمران: من الآية104) وفي الحديث ( أن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ) أما الذين استمروا على ما هم عليه من المعاصي والمنكرات ولم يلتفتوا إلى إنكار أولئك حتى فاجئهم العذاب فقد كانوا مجرمين وظالمين فيما هم فيه من الترف والنعيم وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ذكرنا عظيمة يقوم عليها صلاح الأمة فهي واجبة على كل فرد بحسب استطاعته وإذا قامت بها فئة معينة سقطت عن الباقين وإذا تركت بالكلية فيعم البلاء والهلاك وحلول سخط الله وعذابه .
وما قامت أمة من الأمم بالاهتمام بهذه الشعيرة إلاّ سعدت وخفت الجرائم والمنكرات فيها وحفظها الله من الهلاك والعقاب قال تعالى ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور ِ) (الحج:41) قال عثمان بن عفان رضي الله عنه فيّ وفي أصحابي نزلت هذه الآية فقد أخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا ربنا الله ثم مكنّا الله في الأرض فأقمنا الصلاة وآتين الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ولله عاقبة الأمور كلها والحمد لله رب العالمين .
ولهذا كان العبد الصالح لقمان يوصي أبنه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما أصابه في سبيل ذلك فقال الله سبحانه وتعالى على لسان لقمان وهو يعض أبنه ويوصيه ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (لقمان :17) فقد أمر لقمان أبنه بعد إقامة الصلاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما لهذا الأمر من أهمية تستقيم عليها أمـور العباد وفيها مرضاة لرب العباد ثم أمره بالصبر على ذلك لما علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى، وبيّن لقمان لأبنه أن الصـبر على ذلك لهو من عزم الأمور التي تحتاج إلى مصابرة ومثابرة .
ولقد أنكر الله سبحانه وتعالى على المنافقين الذين هم على خلاف صفات المؤمنين فقال تعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (التوبة:67) قاتل الله المنافقين على عملهم هذا فهم الذين يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم عن الإنفاق في سبيل الله نسوا ذكر الله فعاملهم الله بنفس عملهم وهو أن ينساهم يوم القيامة في العذاب ولا يلتفت إليهم لأن الجزاء من جنس العمل لأنهم هم الخارجون عن طريق الحق ، الداخلون في طريق الضلالة .
وفي مقابل ذلك يبيّن الله سبحانه وتعالى صفات المؤمنين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال عز من قائل : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (التوبة :71 ) فالمؤمنون يتناصرون ويتعاضدون كما جاء في الصحيح : (( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاَ )) ومن أهم صفـات المؤمنين أنهم يأمرون بالمعـروف وينهـون عن المنكـر ويتعاونون فيما بينهم على ذلك كما أنهم يطيعون الله ورسوله فيما أمر وترك ما عنه زجر، فإنه من اتصف بهذه الصفات فإن الله سبحانه وتعالى سيرحمه فهو يعز من أطاعه ويذل من عصاه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فهو جل وعلا حكيم في قسمته هذه الصفات لهؤلاء وتخصيصه المنافقين بصفاتهم المتقدمة، فإن له الحكمة البالغة في جميع ما يفعله تبارك وتعالى، نسأل الله أن يجعلنا من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر إنه جواد كريم .
عن كتاب (المقارنة والبيان في بعض آيات القرآن) للشيخ (علي بن محمد الهزازي)
__________________
( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل
السماء عليكم مدرَاراً ويمددكم بأموال وبنين
ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهاراً )
-----------------------------------------
( اللهم إن كان لي رزق في السماء فأنزله وإن كان لي رزق في الأرض فأخرجه وإن كان معسراً فيسره وأن كان بعيداً فقربه وإن كان حراماً فطهر)
-----------------------------------------
ماشاء الله لاقوة إلا بالله
03-07-2012, 06:59 PM
تعليمات المشاركة
العرض العادي
