العودة   نجاح نت > المنتديات العامة > المنتدى العام > المنتدى الأدبى

المنتدى الأدبى الأدب العربي, الشعر والروايات كل إبداعات القلم تجدها هنا معا لندع أقلامنا تبدعا

إضافة رد
أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع
قديم 01-25-2009, 10:08 PM
  #1
News
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 191
News is on a distinguished road
افتراضي آخر ليلة في حياة إرهابي.. قصة بقلمي..

كان ذلك آخر يوم في حياته القصيرة.. كان شابا في الثامنة عشرة من عمره مندفعا محبا لفعل الخير.. كانت بطولات الصحابة تملأ رأسه.. كان يرى طلحة يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد دفاع الأبطال.. كان يرى أبو عبيدة يشد على الحلقة التي أصابت وجه النبي بأسنانه التي فقد حرصا على عدم أذيه.. كان الجهاد في سبيل الله يلهب حياته.. وكان يعلم أن المجاهدين في الدرجات العلا من الجنة.. كان يعلم أن الموت في سبيل الله هو أكرم موت في الوجود.. كان رغم صغر سنه متوقد الذهن شديد الذكاء.. أخبروه بأن الجهاد في سبيل الله فرض على كل مسلم فأقر لهم بان الروح إن لم تبذل في سبيل الله فلا فائدة في حياتها.. أخبروه أن الناس كلهم كفار.. قالوا له أن النصارى كفار وأن اليهود كفار وأن حكام المسلمين ومن آمن بهم من المنافقين مجرد كفار.. أجابهم في حيرة:
- ولكنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت العتيق.. أجابوه بإستخفاف:
- إنهم مع الظالمين.. حكمهم كحكم الظالمين..
ترى هل حكم الظالمين هو التفجير.. كان رغم صغر سنه قد اعتاد على استخدام عقله ولم يسمح يوما للهوى بأن يكون دليله.. كانت تساؤلات كثيرة تملأ عقله الصغير.. ترى هل يمكن أن يعبد الله بغير الطريقة التي أمر أن يعبد بها.. لو كان الأمر كذلك لكانت عبادة اليهود صحيحة.. إذا فالعبادات تكون بالواجب والمستحب وإلا لصلى من شاء كيف شاء.. فهل من الواجب أو المستحب إزهاق الأرواح لمجرد أن أصحابها كفار في نظر بعض الأذكياء..
كانت تلك الليلة ليلة عمليته الكبرى.. ففيها سيفجر نفسه وسط جيش من السياح الغربيين العزل الكفرة ومن طوعت له نفسه حراستهم أو مرافقتهم من المسلمين الكفرة..
ألقى نظرة متفحصة على حزامه المتفجر.. تحسسه بأصابعه بحيرة.. ترى هل ستحملني إلى الجنة أم إلى جارتها النار.. ترى هل ستحرقني في الدنيا أم ستنجيني من عذاب النار.. كم أحب الجنة وكم أنا خائف من الإنحراف عن سبيلها..
سمع طرقا خفيفا على الباب.. فغمغم بحزن:
- تفضل..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ترى ما معنى السلام.. ما معنى السلام عليكم..
كرر الداخل السلام وهو يقول:
- هل مازلت تحلم كعادتك.. تعوذ بالله من الشيطان الرجيم..
الشيطان الرجيم.. كم هو عبقري هذا الشيطان الرجيم إن أوقعنا في جهنم من باب أشق العبادات على أنفسنا..
أجابه بتثاقل:
- وعليك السلام ورحمة الله تعالى وبركاته..
- لم يبق على موعدنا سوى الساعتين عليك الاستعداد قبلهما.. لا تنس أن تتوضأ وتصلي ركعتين فأنت مقبل على الجنة.. أطهر المنازل..
مقبل على الجنة.. مقبل على الحور العين.. من أكد له ذلك..
همس لصاحبه بصوت وجل:
- لست مطمئنا لهذه العملية.. أنا.. أنا لم أقتل نملة متعمدا في حياتي فكيف أزهق أرواح البشر..
- إنهم كفرة.. كفرة.. ألا تفهم..
ابتسم بشرود وهو يقول:
- هل واجبنا قتل الكفرة أم هدايتهم إلى سبيل الجنة..
- واجبنا هدايتهم.. ولكن حكامهم قد ظلمونا..
ابتسم مجددا وهو يقول:
- هل نقتل كل من ظلمنا..
أجابه صاحبه:
- إننا نجاهد في سبيل الله..
- ولكن الجهاد له ضوابط وسأسألك فأجبني: إن كنت تعرف وجه فرعون.. ورأيته في مكان مزدحم بالمسلمين وفيه أيضا من هو مثله في الكفر، وخيرت بين قتله وقتل الجميع وبين تركه وترك الجميع فهل تقتله أم تتركه..
شد صاحبه حزامه المتفجر على وسطه وألقى عليه نظرة نارية وهو يقول:
- لو كان فرعون يحتمي بكوكب الأرض لفجرت الكوكب بما فيه على رأسه..
ضحك بمرارة وهو يقول بخفوت:
- ولكن الله قال لموسى: وقولا له قولا لينا.. الله سبحانه وتعالى أعطى فرعون فرصة للحياة في نعمة الهداية فكيف نسرق نحن حياة الآخرين.. ما أدرانا أنهم لن يهتدوا أو يعدلوا.. هل نقلب قلوبهم أو نطبع عليها.. أليست الهداية بيد الله فهو القادر على هداية الكافر بعد عمر طويل في الفواحش ما ظهر منها وما بطن.. وهو القادر في الوقت نفسه على إضلال مسلم أمضى مثل عمره في العبادة.. لا تنسى أن الإسلام يجبّ ما قبله..
أجابه صاحبه:
- دعك من هذه الفلسفة ولا تكن جبانا في آخر لحظة..
- قلب الحزام المتفجر بين يديه وهو يقول:
- حتى في حالة الحرب لم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل جميع النصارى أواليهود.. بالعكس أمرنا أن لا نهدم كنائسهم وأن لا نقتل رهبانهم ولا نسائهم ولا أطفالهم.. اليهود والنصارى عاشوا مع الرسول فهل سمعت يوما أنه كان يقتلهم لمجرد أنهم كفار.. بل دعاهم إلى هذا الدين الذي هو لجميع الناس كما دعا العرب وغيرهم.. فأسلم النصراني واليهودي والمجوسي وكان منهم العلماء والمجاهدون والمسلمون العاديون.. لا تنسى أن الدنيا دار ابتلاء نحن مبتلون فيها بأقرب الناس إلينا ومخطئ من يظن أنها ستصبح في يوم من الأيام كجنة عدن.. والعاقل من يخرج من إمتحانها ناجحا بمعدل يضمن له درجة عليا من درجات الجنة.. لا من يلقى ربه وقد سفك دم فلان واغتصب مال فلان وأضل فلان..
أجابه صاحبه بانفعال:
- ولكن العالم كله يحارب المسلمين..
نظر إليه بتأمل وهو يقول:
- هذا من ضمن الإبتلاء.. ولا يعني أن يعتدى علينا أحد أن نصبح من المعتدين.. ثم كيف نقتل من يشهد أن لا إله إلا الله لمجرد أنه جندي من جنود الحاكم يطعم ابنائه من راتب الحكومة.. لماذا نقتله.. هل حكم الزاني وقد يتوب في أية لحظة هو القتل.. هل حكم المتبرجة وقد تتوب في أية لحظة هو القتل.. هل حكم المشرك وقد يسلم في أية لحظة هو القتل.. ألا ترى معي أن في الدين فسحة فلم نخنق أنفسنا بأيدينا..
- ولكنهم ارتدوا بمعاونتهم للحكام الذين يعاونون الكفار..
ضحك مجددا وهو يقول:
- يسمى مرتدا من أعلن انسلاخه من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.. وهذا يستتاب ثلاثة أيام قبل أن يقتل ولا يتربص به في الطرقات ليذبح كالخروف.. أما غير ذلك فمجرد كلام.. نحن كبشر لا نملك جنة ولا نارا حتى نحكم على مثلنا بأنه خارج من الجنة أو داخل في النار بل علينا أن نقتدي بنبينا في هداية الناس إلى الصراط المستقيم ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. ليس لنا من الأمر شيء بل إن الأمر كله لله.. يا عزيزي.. نحن ضعاف بلا حول ولا قوة علينا قبل كل شيء أن ننتبه لأنفسنا حتى لا نقع في شر أعمالنا.. ولا تنس قول الرسول الكريم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".. فوالله لو أجتمع المشايخ كلهم على تبرير قتل الناس لما وسعتهم خيمة المنطق..
- دعك من هذا فقد فات الأوان.. ضع حزامك الناسف وتوكل على الله..
- أتوكل عليه في ما لم يأمرني به..
- ولكنك تجاهد في سبيله..
- بقتل المعاهدين والمسلمين..
- بل بقتل الكفار..
رمى الحزام من يده وهو يقول لصاحبه بإنفعال:
- أثبت لي أنهم كفار.. أثبت لي أن حق الكافر عليك كمسلم هو القتل لا الهداية.. قل لي بأن الإسلام حكرا على جماعة من الناس دون أخرى.. قل لي بأن الحاكم يستحيل أن يكون أكثر معرفة بالله مني ومنك.. قل لي بانك تعلم الغيب وما تخفي الصدور.. قل لي بأنك تعلم متى يجب أن يموت أحدهم ومتى يجب أن يحيا..
نظر إليه صاحبه بإستغراب وهو يقول:
- ولكنك كنت أشجعنا..
- ليست القضية قضية شجاعة أو جبن.. القضية أكبر من ذلك بكثير.. إنها الجنة أو النار.. فو الله لأن أطيل في عمري بدل الانتحار -المحرم حتى في المعركة- وأتزوج ببنت الحلال التي تلد لي الحياة، وأعبد الله مائة عام في الخلاء أرى الشمس والقمر في كل يوم منها لخير لي من أن أدخل نفسي في متاهات شبهة إتفق جميع علماء المسلمين المعترف بهم على ضلالها..
رمى صاحبه الحزام الناسف من يده وعانقه وهو يقول والدموع تملأ عينيه:
- صدقت.. يجب أن نحيي الناس بدل أن نقتلهم.. إذا كنا حقا مجاهدين فلنجعل طاقتنا في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. لنحب الناس جميعا ولنتمنى لهم الهداية فنحن لا نملك أرواحهم حتى نتصرف فيها كيف شئنا..
ابتسم وهو يضم صاحبه إليه:
- الإسلام دين رحمة لا دين قنبلة.. لم يكن المسلم يوما سبابا ولا لعانا فكيف يكون مفجرا..
- صدق الله العظيم عندما قال "لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".. ما أخطر الجهل وحفيده الغلو على الإنسان..
أحس بطمأنينة تسري في عروقه فهتف بسعادة:
- لأن ألقى الله بطاعة مؤكد قبولها خير لي من ألقاه أقول كنت أظن كذا وقالوا لي كذا ورأيت المجاهدين في الفضائيات يفعلون كذا..

قاما بإتلاف المتفجرات في صمت وغادرا المكان في هدوء وطمأنينة.. همس لصاحبه بسعادة:
- لقد ربحنا حياتنا وحياة الآخرين..
رد عليه بإبتسامة نابضة:
- ما أجمل الحياة..
- وما أجمل السلام والإسلام..

ما أجمل أن يحيي المسلم أخوه الإنسان بالإسلام.. ما أجمل أن يهديه إلى قراءة القرآن.. ما أجمل أن يهديه إلى أجمل الجنان.. ما أجمل أن يجعل منه أخا في الله يحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لها.. وما أقبح قتل النفس.. ما أقبح قتل الأبرياء المسالمين الغافلين.. ما أقبح إدخال الرعب إلى القلوب المطمئنة.. ما أقبح هدر دماء المسلمين..
من أنت يا مسلم حتى تحكم بكفر أخوك وأنت تعلم أن الرسول قبل من المنافقين ظواهرهم وترك بواطنهم لله وهم في الدرك الأسفل من النار.. من أنت حتى تقتل إنسانا وواجبك أن تحييه بالإسلام.. من أنت حتى تحيي من تشاء وتميت من تشاء.. انتبه فليست القضية مجرد إطلاق رصاصات في الهواء أو نزع فتيل قنبلة نائمة منذ شهور.. المسألة أكبر من ذلك بكثير..

النهاية..

بقلم جنرال متقاعد عاطل عن العمل..

سيدي ولد اخليل
News غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر رد
دموع على هيئة بشر بقلمي المتميز Zero المنتدى العام 9 12-08-2019 02:54 PM
لم تف بوعدك يا عادل..... بقلمي antigone المنتدى الأدبى 6 05-09-2013 07:55 PM
@@@ اكرهها...بقلمي @@@ ظل القمر المنتدى العام 8 10-20-2008 04:13 PM
ضياء القمر بقلبي لا بقلمي Mouchmabir المنتدى العام 6 09-14-2008 12:06 AM
بقايا إنسان بقلمي antigone المنتدى الأدبى 8 07-24-2008 06:53 PM


الساعة الآن 02:00 AM.



تعريف :

نجاح نت منتدى يهتم بجميع متطلبات مستعملي الإنترنيت وخصوصا البرامج وشروحتها وأمور ديننا الحنيف و المناهج الدراسية والألعاب...


جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها وقرار البيع والشراء مسؤليتك وحدك

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd diamond